محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 21 نوفمبر 2023 12:01 صباحاً - يترقب العالم باهتمام بالغ ما إذا كانت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة قطرية، ستفضي بالفعل إلى اتفاق يتم بموجبه الإفراج عن عدد من الرهائن في قطاع غزة، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين وإقرار هدنة لأيام عدة.
واليوم الاثنين، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يعتقد أن التوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة حماس في غزة بات قريبا، إذ احتجزت الحركة نحو 240 رهينة خلال هجومها في السابع من الشهر الماضي، وسبق لها أن أفرجت عن 4 رهائن لأسباب إنسانية، بوساطة مصرية وقطرية.
بشأن ذلك، قال خبراء ومحللون، لـ"الخليج 365"، إن إتمام الصفقة يعني بشكل أو بآخر نجاح الضغوط الأمريكية على تل أبيب في دفعها إلى مواقف مرنة تجاه العديد من الملفات المتعلقة بالحرب، ومن بينها ملف الرهائن.
وأضافوا أن نجاح الاتفاق أو الصفقة من شأنه أن يخفف ضغط وغضب عائلات الرهائن والمتضامنين معهم على حكومة نتنياهو، فيما سيمنح حماس فرصة لالتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب صفوفها.
ضغوط أمريكية على إسرائيل
يرى الخبير في الشأن السياسي والاستراتيجي الدكتور رائد نجم "أن ملف الرهائن يبدو أنه يعكس استجابة إسرائيل للرغبة الأمريكية بإنجاز صفقة تبادل ولو جزئية تسمح بهدنة إنسانية كانت الولايات المتحدة قد وافقت عليها وطالبت بها، في محاولة لضبط العملية العسكرية في غزة، ومنع خروجها عن حدود القطاع لتمتد لساحات أخرى، لا سيما في ظل تصاعد هجمات الجماعات المحسوبة على إيران بزيادة استهدافها للقواعد الأمريكية في المنطقة".
وأضاف: "باعتقادي أن الولايات المتحدة الأمريكية نجحت في تعديل مواقف إسرائيل منذ بداية الحرب، أولًا بدفعها لقبول إدخال المساعدات عبر معبر رفح وفتحه لإخراج مزدوجي الجنسية، ثم في إدخال الوقود لقطاع غزة ولو بكميات محدودة لأغراض إنسانية".
هل واشنطن مسؤولة عما تفعله إسرائيل بالأسلحة الأمريكية في غزة؟
بايدن تحت الضغط
وأضاف نجم: "حاولت الولايات المتحدة وضع خطوط حمراء من خلال مطالبة إسرائيل بتقليص استخدام القنابل الكبيرة واستخدام قنابل أقل حجمًا في الاستهدافات للأماكن المأهولة بالسكان، ثم في تجنب الاشتباكات العسكرية داخل المستشفيات، وأيضا في وضع لاءات واضحة تخص ترتيبات ما بعد الحرب وتتعلق بعدم إعادة احتلال غزة وعدم تقسيمها وعدم تهجير سكانها، وتأكيد واشنطن على عودة السلطة بعد تجديدها لإدارة قطاع غزة تمهيدًا لحل الدولتين، وفي كل مرة كانت تواجه مراوغة من نتنياهو في التنفيذ".
ووفق نجم، فإن "دوافع الولايات المتحدة تبدو واضحة في ظل الاستطلاعات التي تشير إلى تقدم ترامب على بايدن بسبب سوء الإدارة في حرب غزة، خصوصا من قبل اليساريين والتقدميين في الحزب الديمقراطي، بالإضافة للجالية العربية والإسلامية، والتي تعتبر حاسمة في فوز بايدن بفترة رئاسية جديدة"، مشيرًا إلى أن "المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل لا يفضلان عقد صفقة، ويعتبران أن المزيد من الضغط العسكري يمكن أن يأتي بصفقة أفضل ويسمح باستمرار الحرب التي ربما يؤدي توقفها ولو مؤقتا إلى تراجع التأييد الغربي، لا سيما في ظل صور المجازر المستمرة، التي تدفع نحو استمرار الاحتجاجات الضاغطة في الشارع الغربي".
رهينتان إسرائيليتان تم إطلاق سراحهما من قبل حماسأرشيفية
الصفقة بالنسبة لإسرائيل وحماس
ويرى نجم أن "أهم ما يمكن أن تحققه إسرائيل من الصفقة هو تخفيف ضغط الشارع الإسرائيلي الذي يضع ملف الرهائن أولوية في هذه الحرب، تتقدم على هدف القضاء على قدرات حماس التسليحية والسلطوية، ويمنحها دعم إدارة بايدن للاستمرار في حربها لتحقيق أهدافها المعلنة، وتخفيف الضغط الشعبي عن حلفاء الولايات المتحدة العرب في المنطقة".
وبالنسبة لحركة حماس، يعتبر نجم أن "الصفقة ستكون فرصة لها لالتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب صفوفها والاستعداد لمراحل القتال، وتأخير الهجوم على الجنوب، والضغط عبر الحرب النفسية التي تديرها في ملف الأسرى؛ من أجل صفقات أخرى تمكنها من إطالة الحرب والرهان على تغير الرأي العام في إسرائيل والولايات المتحدة وربما الغرب نحو الحرب".
وفي الشأن ذاته، قال نجم: "ستأخذ حماس فرصتها لتأكيد مكانتها كحاكم لقطاع غزة، وتقديم عملية إطلاق سراح الرهائن القاصرين إنجازا في إطار إطلاق سراح الرهائن، وإمكانية أن تعود من جديد لتحقيق انتصار آخر من خلال فرض تفاهمات سياسية نتيجة الصمود في الميدان، وتغير المواقف الدولية والإسرائيلية والعربية من استمرار الحرب".
ضغط عالمي متصاعد
ومن وجهة نظر الخبير في الشأن السياسي الفلسطيني يحيى قاعود، فإن هناك ضغطا داخل الشارع الإسرائيلي تجاه عقد صفقة لإطلاق سراح الرهائن الموجودين لدى حماس، مشيرا إلى أن هذا الضغط ينعكس على المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل الذي لم يحسم أمره بعد بشأن هذه الصفقة.
وأضاف قاعود: "هناك أيضًا ضغط عالمي، لا سيما من الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والدول العربية تجاه عقد هدنة إنسانية مقابل إطلاق سراح الرهائن، خصوصا في ظل تصاعد صوت الشعوب العالمية المطالبة بوقف هذا العدوان على قطاع غزة من جهة، وعمليات ضرب مصالح إسرائيلية وأمريكية في المنطقة من جهة أخرى".
وأشار إلى أن "نتنياهو يسعى من خلال عمليات الاعتقال لمئات المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، منذ السابع من الشهر الماضي، للمراوغة والتجهيز لإبرام الصفقة الأكبر مع حماس، بحيث يقوم بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين بعد عملية طوفان الأقصى نظير إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين".
تقرير: إسرائيل تدور بمتاهة صفقة الأسرى خشية هدنة تبدد الزخم القتالي
هدنة لمدن جنوب وادي غزة فقط
وفي حال تم التوصل إلى هدنة إنسانية لأيام عدة، يقول قاعود: "لا أعتقد أنها ستشمل محافظتي غزة وشمال غزة اللتين تشهدان تصعيدًا خطيرًا وتوغلا للدبابات وحصارا للمستشفيات وقصفا لمراكز الإيواء وقتلا للمئات فيها، وإنما ستشمل فقط مدن جنوب وادي غزة، رغم أن عملية إجلاء عدد كبير من الرهائن الإسرائيليين، والحديث هنا يدور عن 50 أسيرا وأسيرة، يحتاج إلى وقت كبير وحالة من الهدوء لتأمين خروجهم باتجاه المعابر أو عملية إيصالهم إلى الوسطاء، الذين غالبًا سيكونون من الصليب الأحمر الدولي؛ كونه أشرف على عدة عمليات شبيهة خلال الأسابيع الماضية".
الضغط العسكري للوصول إلى صفقة أفضل
أما المختص والباحث في الشؤون الإسرائيلية، محمد علان ضراغمة، فيرى "أن الحديث في الشارع الإسرائيلي حول إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين يزداد يومًا بعد يوم، بعكس التكتيم الذي يسود تصريحات المستويين السياسي والعسكري بشأن الموضوع ذاته".
وأضاف دراغمة: "كل ما يدور في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وتحديدًا على المستوى السياسي، يتحدث عن وجود تقدم في المفاوضات دون الوصول إلى اتفاق بعد، أما على المستوى العسكري فالحديث ينصب على أن الضغط العسكري على الأرض في الميدان يمكن أن يوصل إلى صفقة أفضل بشروط أفضل، لا سيما أن العملية البرية لمحافظتي غزة وشمال غزة تسير على قدمٍ وساق".