الارشيف / عرب وعالم

تحذير من "الاحتراق الوظيفي" بعد دعوة الشباب للعمل 80 ساعة أسبوعيا

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 20 أبريل 2022 06:00 مساءً - لقيت تصريحات وزير سعودي دعا فيها الشباب لإيجاد عمل إضافي، مطالبا أن لا تقل ساعات عملهم عن 80 ساعة في الأسبوع تفاعلا كبيرا لدى رواد مواقع التواصل، لا سيما الأطباء والمتخصصين الصحيين الذين حذروا من مغبة تحقيق هذا المطلب.

وقال وزير الاتصالات السعودي المهندس عبدالله السواحه، عبر لقاء متلفز مؤخرا، إنه ”لا بد أن تكون عدد الساعات التي تقضيها في العمل وأنت في العشرينيات من العمر 80 ساعة في الأسبوع“.

واستشهد الوزير بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – : اغتنم خمسا قبل خمس .. ومنها ذكر ”شبابك قبل هرمك“.

وأضاف: ”إذا أنت اليوم في العشرينيات ومعدل ساعات العمل لديك أقل من ثمانين ساعة في الأسبوع، فإن لديك مشكلة“.

”الاحتراق الوظيفي“

بدورهم، رأى مختصون أن العمل لساعات طويلة جدا يصيب الإنسان بما يسمى علميا ”الاحتراق الوظيفي“.

وفي هذا الشأن، قال استشاري جراحة المسالك البولية، الحاصل على الماجستير في الصحة العامة، الدكتور بدر ناصر المسيعيد، إن ”الاحتراق الوظيفي له تأثيرات نفسية وجسدية بالغة، وقد يؤدي في النهاية إلى تضييع كل شيء، وعدم قدرتك على القيام حتى بواجباتك الأساسية“.

وأكد المسيعيد في تصريح خاص لـ“الخليج 365“، أن ”الاحتراق الوظيفي هو حالة من الانهاك النفسي والجسدي، يصل إليها الشخص بسبب العمل“.

وأشار إلى أنه ”قد يؤدي إلى آثار جسدية مثل السكري والضغط وأمراض القلب، ونفسية تشمل القلق والاكتئاب، إضافة إلى التأثير النفسي من ناحية سرعة الغضب والشعور بعدم الرضى عن النفس والحزن“.

وبين بأن ”الكثير من الأبحاث أجازت العمل إلى حد 40 ساعة في الأسبوع، وبمجرد الابتعاد أكثر عن هذا الحد فإننا لا نقول إن كل من تزيد ساعات عمله عن هذه المدة ستصيبه كل تلك الأعراض، ولكن ستزيد نسبة خطر الاحتراق الوظيفي لديه“.

ولفت إلى أن ”الكثير من الناس مروا بالاحتراق الوظيفي بمن فيهم الأطباء والممارسون الصحيون الذين عملوا لأكثر من هذه الساعات خلال الأسبوع“.

وتابع: ”البعض للأسف انتهى به المطاف إلى الاحتراق الوظيفي، والكثير منهم سلموا منه، لكن حتى النماذج التي سلمت منه، لا يعني ذلك أنه منهاج صحي للعمل بهذه الطريقة.

وطالب خبير الصحة العامة ”بضرورة مراجعة سياسات العمل وضمان تجنيب الأشخاص خطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي“.

وأشار إلى أن ”هناك عدة عوامل تؤثر بالاحتراق الوظيفي، منها عدد ساعات العمل الأسبوعية“.

وبين المسيعيد أن ”العوامل الأخرى، هي حجم الضغط أثناء العمل ومحبة الشخص لوظيفته، والشعور بالرضى تجاه مساهمة الموظف برأيه خلال أداء عمله، وعلاقة الموظف بمديره ومع زملائه“.

واستشهد بدراسة كبرى أجريت في أمريكا، العام الماضي، تمت على خمسين ألف ممرضة، ووجدت أن ”نسبة الاحتراق الوظيفي للممرضات اللواتي يعملن أكثر من 40 ساعة قد وصلت إلى 31.5%“ وهي نسبة مرتفعة، حسب قوله.

وقال إن ”دراسة أخرى كشفت بأن العمل لمدة أكثر من 40 ساعة في الأسبوع يزيد خطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي إلى الضعف، في حين إن العمل لأكثر من 74 ساعة في الأسبوع يزيد خطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي إلى ثلاث أضعاف“.

وأردفت أن ”العمل لأكثر من 84 ساعة في الأسبوع يزيد خطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي لأكثر من أربعة أضعاف“.

وأكد الخبير أنه ”وبحسب الدراسة عينها، فقد كشفت بأن من كان يعمل لمدة 50 إلى 60 ساعة في الأسبوع، قد أصيب بالاحتراق الوظيفي، كما وجدت أن الذين يعملون أكثر من 60 ساعة في الأسبوع، أصيب ثلاثة أرباعهم بالاحتراق الوظيفي“.

وبين أن ”الحد المعقول والمتوسط لساعات العمل الطبيعية هي 40 ساعة في الأسبوع“.

وتساءل: ”هل هذا يؤدي إلى الشعور بالتقصير وضعف الإنتاجية؟“، ثم أجاب أن ”الحقيقة هي أنه لا إفراط ولا تفريط، حيث إننا يجب أن ننتبه للشخص الذي لا يعمل وللشخص الذي يعمل بحد عال، حيث إن مجرد العمل لمدة 40 ساعة أو أقل في الأسبوع يحمي من الإصابة بالاحتراق الوظيفي“.

ولفت إلى ”وجود علاقة طردية بين الوظيفة الإضافية وبين الإصابة بالاحتراق الوظيفي، حيث إنها تشمل الوظيفة الأساسية والإضافية أيضا“.

وفي الإطار، لفت استشاري أمراض القلب الدكتور خالد النمر بأن ”هناك علاقة بين زيادة ساعات العمل عن 55 ساعة أسبوعيا، وحدوث جلطات القلب، وهي علاقة تراكمية ومضطردة، بغض النظر عن باقي المسببات الأخرى للجلطات“.

وأيده في حديثه استشاري القلب وخبير الضغط والتوتر الدكتور صالح بن سالم الغامدي، حيث قال في تغريدة عبر حسابه على ”تويتر“، ”كذلك نسبة الجلطات تزيد 35% عند تجاوز العمل 55 ساعة أسبوعياً“.

من جهتها، تناولت طبيبة الأسنان والاحتياجات الخاصة، الدكتورة فاطمة المطاوع، تجربتها مع الاحتراق الوظيفي وتأثيره النفسي عليها.

وقالت المطاوع في تصريحات لـ“الخليج 365“، ”أؤيد حديث الدكتور بدر المسيعيد بشكل عام، أنا بطبعي أحب الحركة والعمل وأكره الفراغ وكنت أعتقد أني مدمنة عمل، وكنت أملأ أوقات فراغي بالعمل في أكثر من وظيفة، وكان لا يوجد وقت للحياة الخاصة وكنت دائما أعتذر بكلمة (لدي دوام، وبعد سنة الجميع بات يقول ( لن نعزمك.. أكيد عندك دوام)“.

وأضافت: ”وقتها بدأت أجد أني بعيدة عن الكل، حاولت أجتهد وأقابل صديقاتي بعد العمل، وأنا منهكة بعد عمل متواصل لمدة 13 ساعة، وكان إحساسي سيئا ومزاجي متذبذبا ولم يكن هناك أي رابط بين حياتي وحياتهم“.

وتابعت: ”لم أعد أستطيع أن أكون جزءا من المجتمع ولا الاستمتاع بالأعياد أو الإجازات، معتبرة أن الأمر قد رتب عليها شعورا سيئا وسلبيا على المستويين النفسي والجسدي“.

Advertisements

قد تقرأ أيضا