شهد عام 2025 واحدًا من أكثر التحولات دراماتيكية في تاريخ أسواق المعادن النفيسة، بعدما فرضت الفضة نفسها لاعبًا رئيسيًا في المشهد الاستثماري العالمي، محققة صعودًا تاريخيًا أعاد رسم خريطة الأصول الآمنة، ومتجاوزة في كثير من الفترات أداء الذهب الذي اعتاد تصدر المشهد كملاذ تقليدي للمستثمرين.

موجة صعود تاريخية تعيد تعريف قيمة الفضة

منذ الأسابيع الأولى لعام 2025، دخلت الفضة في مسار صاعد قوي مدعوم بعوامل اقتصادية وهيكلية متشابكة، لتسجل ارتفاعات سنوية تجاوزت 130%، وهو أداء نادر الحدوث في تاريخ المعدن الأبيض، حيث واصلت الأسعار الارتفاع على مدار ثمانية أشهر متتالية دون انقطاع، قبل أن تسجل أعلى مستوى تاريخي لها عند 67.46 دولار للأونصة، وفقًا لتحليلات منصة «جولد بيليون»، في إشارة واضحة إلى تغير عميق في نظرة الأسواق للفضة كأصل استثماري طويل الأجل.

السياسة النقدية العالمية تشعل الطلب الاستثماري

بلغت أسعار الفضة ذروتها خلال شهر ديسمبر 2025، في ظل تصاعد المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وتراجع ثقة المستهلكين في الاقتصادات الكبرى، بالتزامن مع تزايد التوقعات باتجاه البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، نحو خفض أسعار الفائدة، وهو ما عزز جاذبية المعادن النفيسة وعلى رأسها الفضة، باعتبارها أداة تحوط فعالة في فترات عدم اليقين المالي.

صناديق الاستثمار المتداولة تقود التدفقات القياسية

لعب الطلب الاستثماري دورًا محوريًا في دفع أسعار الفضة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث شهدت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالفضة تدفقات صافية قوية خلال عام 2025، بلغت نحو 95 مليون أونصة خلال النصف الأول فقط، متجاوزة إجمالي التدفقات المسجلة طوال عام 2024 بأكمله، لترتفع حيازات هذه الصناديق إلى حوالي 1.13 مليار أونصة، ما يعكس ثقة متزايدة من المؤسسات والمستثمرين الأفراد على حد سواء.

الفضة معدن حيوي في قلب الصناعات المستقبلية

أسهم قرار الحكومة الأمريكية بتصنيف الفضة كـ«معدن حيوي» في تعزيز مكانتها الاستراتيجية، خاصة مع تنامي الاعتماد عليها في الصناعات التكنولوجية المتقدمة والطاقة المتجددة، لتتحول من مجرد أداة استثمارية إلى عنصر أساسي في سلاسل الإمداد العالمية.

الطلب الصناعي يعمّق فجوة المعروض

بالتوازي مع الزخم الاستثماري، واصل الطلب الصناعي على الفضة نموه القوي خلال عام 2025، ليشكل نحو 60% من إجمالي الطلب العالمي الذي تجاوز 1.1 مليار أونصة، مدفوعًا بالتوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والتقنيات الحديثة، في وقت واجه فيه المعروض العالمي تحديات متزايدة، ما عمّق المخاوف من نقص الإمدادات وأسهم في تعزيز الاتجاه الصاعد للأسعار.