النمل الأبيض يثير القلق في قرية مصرية بعد انهيار ثلاث منازل - الخليج الان

خيمت حالة من القلق والخوف على قرى مركز إسنا جنوب محافظة الأقصر بعد انهيار ثلاثة منازل قديمة في وقت قصير، منها منزلان في قرية الدير فقط خلال أسبوع واحد، ما أثار التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الانهيارات المتكررة، وهل هناك عامل مشترك يربط بين هذه الحوادث؟ المنازل المنهارة، جميعها قديمة وشيدت بالطوب اللبن التقليدي، مما جعل الأهالي يوجهون أصابع الاتهام إلى ما يعرف محليًا بـ"النمل الأبيض" أو "القرضة"، في حين أطلق البعض تفسيرات أخرى تتعلق بالأرضية أو بتقادم المواد الإنشائية.

شهود عيان: النمل الأبيض حشرة صامتة

أكد بعض السكان أن النمل الأبيض أصبح أكثر انتشارًا في القرى، مشيرين إلى قدرته على نخر الجدران والأساسات بصمت، مما يؤدي إلى إضعاف المباني تدريجيًا قبل أن تنهار فجأة أمام أعين السكان، خصوصًا المنازل الطينية القديمة.

 وأشار آخرون إلى أن الانهيارات قد تعود إلى وجود فراغات أسفل المنازل نتيجة شبكات صرف قديمة أو غير مكتملة، ما يؤدي إلى تآكل التربة وفقدان قدرتها على التحمل، بينما رأى فريق ثالث أن السبب الأساسي يكمن في العمر الطويل للطوب اللبن، الذي تجاوز الحد الأقصى لتحمله، ليصبح عرضة لأي ضغط أو تآكل.

التفسير العلمي: النمل الأبيض قد يكون عاملًا مساعدًا

بدوره، قدم الدكتور حامد عبدالدايم، أستاذ بمعهد بحوث وقاية النباتات، تفسيرًا علميًا بعيدًا عن المبالغات، مشيرًا إلى أن النمل الأبيض قد يتغذى على السليلوز الموجود في الطوب اللبن المخلوط بالقش والتبن، ومع تكوين مستعمرات كبيرة يبدأ في إفراغ الطين من الداخل تدريجيًا، ما يؤدي إلى خلخلة الهيكل البنائي، وربما انهيار بعض المنازل القديمة. 

وأوضح أن نشاط النمل الأبيض يختلف في المباني الحديثة، حيث يقتصر على الأخشاب والباركيه ويشق أنفاقًا طينية دقيقة صعبة الاكتشاف، ما يجعل الوقاية ضرورية من خلال استخدام مبيدات متخصصة والمتابعة الدورية للمباني.

وزارة الزراعة: انهيارات بسبب تقادم المباني وارتفاع المياه

في المقابل، نفت وزارة الزراعة وجود علاقة مباشرة بين انهيار المنازل وانتشار النمل الأبيض، موضحة أن السبب الرئيسي يعود إلى تقادم المباني وارتفاع منسوب المياه الجوفية، مشددة على أن النمل الأبيض يتغذى على الخشب فقط ويعيش في أعشاش عميقة تحت الأرض، ولا يؤدي إلى انهيار المباني الطينية. 

وأكد المهندس محمود فؤاد، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الأقصر، أن اللجان الفنية لم ترصد أي آثار للنمل الأبيض في المنازل المنهارة، وأن التعامل مع النمل الأبيض يتم عبر بروتوكول وقائي يشمل حفر خنادق وحقن المبيدات المتخصصة، لضمان حماية المباني المصابة.

تقادم الطوب أم حشرة خفية؟

يبقى الجدل قائمًا بين الأهالي والعلماء، لكن المؤكد أن الانهيارات الأخيرة في إسنا لا يمكن عزوها إلى النمل الأبيض فقط، بل إلى مزيج من العوامل، أبرزها العمر الطويل للمباني، تقادم الطوب اللبن، وارتفاع منسوب المياه الجوفية، مع ضرورة التوعية المستمرة بأهمية الوقاية والصيانة الدورية للمنازل القديمة لتجنب المزيد من الكوارث.